العالم خلال الحرب العالمية الاولى
مقـــدمـــة :
عرفت أوربا ما بين 1914و1918حربا طويلة وقاسية ، وما أن انتهت الحرب وسكنت الآلة الحربية حتى بدأت تظهر تحولات
عميقة على الساحة الأوربية والعالمية .ففضلا عن الخسائر البشرية والمادية لهذه الحرب ، كانت هناك حصيلة سياسية ثقيلة انبثقـــــت عن مؤتمر الصلح أثرت على المسار التاريخي لأوربا والعالم .
فما مظاهر هذه التحولات ؟ وما أبعادها التاريخية ؟
1= مثل مؤتمر الصلح نقطة تحول خطيرة في المسار السياسي لأوربا
1-1: ظروف انعقاد مؤتمر الصلــح :
- انعقد مؤتمر الصلح في باريس ابتداء من يناير 1919وسط أوضاع جد مضطربة ، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا . اجتمع المؤتمر في غياب المنهزمين ( ألمانيا وحلفائها ) وروسيا البلشفية ، وتشكل من عدة مجالس ، أهمها مجلس الأربعة الكبار ، الذي فـــرض هيمنته علــــــى مستوى اتخاذ القرار .
- كانت مهمة المؤتمرين صعبة وشاقة بسبب تضارب مصالحهم وتباين وجهات نظرهم: فممثل فرنسا في المؤتمر ( كليمونصـــو )
أصـر علـى أن تفوز بلاده بالسلم كما فازت بالحرب فألــح علـى ضرورة إضعـاف ألمـانيـا . وممثل بريطانيا ( ليـد جـورج ) ركز
على ضـرورة تأمين سـلامة مـواصلات الإمبراطورية البريطانية من جهة، واستمرار التوازن بين القوى الأوربية من جهة أخرى.
وطالب ممثل إيطاليا ( أورلانــدو ) بمناطق نفوذ في وسـط أوربا وببعض المستعمرات . في حين دافعت الولايات المتحدة الأمريكية
في شخص رئيسها ( ولسون ) على مبدأ التوازن في أوربا وحق الشعوب في تقرير مصيرها ونبذ الديبلوماسية السرية وضــرورة
إنشاء هيئة دولية لتحقيق السلم العالمي .
فهــــل نجح المؤتمرون في إقــامــة عــالــم يســـوده الأمـــن والسـلــــم ؟
2-1: قـرر مـؤتمر الصلح،عبر مجموعة من المعاهدات ، إهـانـة الـدول المنهزمة وإضعا فهــا :
+ معــاهــدات الـصـــلح:نـــدرج هــذه المعــاهــدات أهــم شــروطهــا فــي الـجــدول الآتـــي :
+ مخلفـــات المعـاهــدات أوربيــا وعـالميـــا :
يــلاحـــظ أن هذه المعاهدات ارتبطت بالمصالح البريطانية والفرنسية وعارضت مصالح إيطاليا والدول المنهزمــــــة ، مما سيؤدي
إلى خلق حالة من التوتر على المستويين الأوربي والعالمي ، فقد برزت تيارات قومية بأوربا والمشرق العربي ، وظهرت أنظمــــة
شمولية ( ديكتاتورية ) في إيطاليا والنمسا والمجر وتركيا ، واندلعت حركات ثورية بأوربا وأخرى تحررية في المنطقة العربيــــــــة والمستعـمـــــــــــــــــرات .
2=مزقت معاهدات الصلح الخريطة السياسية لأوربا ، وعجزت عصبة الأمم عن تحقيق السلم العالمي .
1-2 : طرأت على الخريطة السياسية لأوربا ، بمقتضى معاهدات الصلح ، عــــدة تغييـــرات :
أسفرت قرارات مؤتمر الســـلام ومعاهدات الصلح عن تغيير الخريطة السياسية لأوربا ، تمثلت أهــم معالم هذا التغيير فـــي :
- زوال الإمبراطوريات التاريخية الكبرى ؛ الإمبراطورية العثمانية / الإمبراطورية النمساوية المجرية / روسيا القيصرية ...الخ
- ظهور دول جديدة ؛ يوغوسلافيا، تشيكوسلوفاكيا،هنغاريا،بولونيا، فنلندا،دول البلطيق .
- يجب أن نسجل هنا أن هذا التحول السياسي لم يراع مبدأ القوميات ، مما جعل الأوضاع في أوربا الوسطى والشرقية قابلة للانفجار .
2-2 : فشلت " عصبة الأمـم " في تنظيـم العــــلاقـات الــدوليــة بعــد الحرب الأولـــى :
تضمنت قائمة الرئيس الأمريكي ولسون إلى مؤتمر الصلح مبدءا ينص على ضرورة إنشاء منتظم دولي يسهر على حفظ السلام العالمي ،
فقرر المؤتمر تضمين معاهدات السلام وثيقة تأسيس عصبة الأمـم . اتخذت العصبة من مدينة جنيف السويسرية مقرا لها ، وتوفرت على
أجهزت مختلفة ، أهمها الجمعية العامة والمجلس التنفيذي والسكرتارية الدائمة . غير أنها ظلت أداة طيعة لخدمة مصالح الدول الكبــــرى
لم تتمكن من حل المشاكل العميقة المترتبة عن الحرب العالمية الأولى ، بسبب افتقارها إلى القوة العسكرية التي تمكنها من فرض احترام
قراراتها ، وبسبب عدم مشاركة بعض الدول الكبرى فيها ، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الثورية .
3 = كرست الخسائر المادية والمالية للحرب تفوق دول غير أوربية .
1-3 : انهارت بنية اقتصاد الدول الأوربية وتفاقمت ديونها :
-- ألحقت الحرب أضرارا بليغة باقتصاد الدول الأوربية التي كانت أراضيها مسرحا للعمليات العسكرية : ( تخريب مصادر الطاقة والمواد الأولية+ تدمير الأراضي الفلاحية والمنشآت الصناعية + تعطيل وسائل المواصلات والإنتاج ... )
-- تفاقمت أزمة الاقتصاد الأوربي بفعل ارتفاع نفقات الحرب ولجوء الدول المتحاربة نحو الاقتراض الخارجي ، فتحولت من دول دائنـــة قبل الحرب إلى دول مدينة بعدهــــا .-- ساعد اعتماد المتحاربين على الولايات المتحدة الأمريكية لتأمين حاجياتهم من المواد الغذائية والأسلحة في صعود وتطور الاقتصـــــاد الأمريكي .
2-3 : أعطت الحرب دفعة قوية لتطور اقتصاديات بعض الدول غير الأوربيــــة :
-- ساعدت الحرب العالمية الأولى على صعود قوى جديدة خارج أوربا ، مثل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان ...
-- لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دور المزود الرئيسي لأوربا بالعتاد والمؤن والقروض ، فارتفع إنتاجها الفلاحي والصناعي وتضاعف
فائضها التجاري مما مكنها من الاستحواذ على نصف الاحتياطي العالمي من الذهب ، فترتب عن ذلك انتقال الثقل المالي إلى بورصـــة نيويورك مما ساعد على نمو اقتصادها الذي انطلق منذ أواخر القرن التاسع عشــــــر .
-- استفادت اليابان بدورها من الحرب الكونية الأولى لتنمية قطاعها الصناعي ، فأصبحت أكبر مزود لآسيـــا بالبضـائع المصنعة وتراجــع دور أوربـــــا فــــــــــي المنطقـــــــــــــة .
خــاتمــــة :
أثرت العواقب السياسية والمادية للحرب الأولى على المسار التاريخي للعالم الرأسمالي الذي سيدخل مرحلة جديدة من تاريخه تميزت بالأزمات الاقتصادية والتطرف السياسي .
مقـــدمـــة :
عرفت أوربا ما بين 1914و1918حربا طويلة وقاسية ، وما أن انتهت الحرب وسكنت الآلة الحربية حتى بدأت تظهر تحولات
عميقة على الساحة الأوربية والعالمية .ففضلا عن الخسائر البشرية والمادية لهذه الحرب ، كانت هناك حصيلة سياسية ثقيلة انبثقـــــت عن مؤتمر الصلح أثرت على المسار التاريخي لأوربا والعالم .
فما مظاهر هذه التحولات ؟ وما أبعادها التاريخية ؟
1= مثل مؤتمر الصلح نقطة تحول خطيرة في المسار السياسي لأوربا
1-1: ظروف انعقاد مؤتمر الصلــح :
- انعقد مؤتمر الصلح في باريس ابتداء من يناير 1919وسط أوضاع جد مضطربة ، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا . اجتمع المؤتمر في غياب المنهزمين ( ألمانيا وحلفائها ) وروسيا البلشفية ، وتشكل من عدة مجالس ، أهمها مجلس الأربعة الكبار ، الذي فـــرض هيمنته علــــــى مستوى اتخاذ القرار .
- كانت مهمة المؤتمرين صعبة وشاقة بسبب تضارب مصالحهم وتباين وجهات نظرهم: فممثل فرنسا في المؤتمر ( كليمونصـــو )
أصـر علـى أن تفوز بلاده بالسلم كما فازت بالحرب فألــح علـى ضرورة إضعـاف ألمـانيـا . وممثل بريطانيا ( ليـد جـورج ) ركز
على ضـرورة تأمين سـلامة مـواصلات الإمبراطورية البريطانية من جهة، واستمرار التوازن بين القوى الأوربية من جهة أخرى.
وطالب ممثل إيطاليا ( أورلانــدو ) بمناطق نفوذ في وسـط أوربا وببعض المستعمرات . في حين دافعت الولايات المتحدة الأمريكية
في شخص رئيسها ( ولسون ) على مبدأ التوازن في أوربا وحق الشعوب في تقرير مصيرها ونبذ الديبلوماسية السرية وضــرورة
إنشاء هيئة دولية لتحقيق السلم العالمي .
فهــــل نجح المؤتمرون في إقــامــة عــالــم يســـوده الأمـــن والسـلــــم ؟
2-1: قـرر مـؤتمر الصلح،عبر مجموعة من المعاهدات ، إهـانـة الـدول المنهزمة وإضعا فهــا :
+ معــاهــدات الـصـــلح:نـــدرج هــذه المعــاهــدات أهــم شــروطهــا فــي الـجــدول الآتـــي :
+ مخلفـــات المعـاهــدات أوربيــا وعـالميـــا :
يــلاحـــظ أن هذه المعاهدات ارتبطت بالمصالح البريطانية والفرنسية وعارضت مصالح إيطاليا والدول المنهزمــــــة ، مما سيؤدي
إلى خلق حالة من التوتر على المستويين الأوربي والعالمي ، فقد برزت تيارات قومية بأوربا والمشرق العربي ، وظهرت أنظمــــة
شمولية ( ديكتاتورية ) في إيطاليا والنمسا والمجر وتركيا ، واندلعت حركات ثورية بأوربا وأخرى تحررية في المنطقة العربيــــــــة والمستعـمـــــــــــــــــرات .
2=مزقت معاهدات الصلح الخريطة السياسية لأوربا ، وعجزت عصبة الأمم عن تحقيق السلم العالمي .
1-2 : طرأت على الخريطة السياسية لأوربا ، بمقتضى معاهدات الصلح ، عــــدة تغييـــرات :
أسفرت قرارات مؤتمر الســـلام ومعاهدات الصلح عن تغيير الخريطة السياسية لأوربا ، تمثلت أهــم معالم هذا التغيير فـــي :
- زوال الإمبراطوريات التاريخية الكبرى ؛ الإمبراطورية العثمانية / الإمبراطورية النمساوية المجرية / روسيا القيصرية ...الخ
- ظهور دول جديدة ؛ يوغوسلافيا، تشيكوسلوفاكيا،هنغاريا،بولونيا، فنلندا،دول البلطيق .
- يجب أن نسجل هنا أن هذا التحول السياسي لم يراع مبدأ القوميات ، مما جعل الأوضاع في أوربا الوسطى والشرقية قابلة للانفجار .
2-2 : فشلت " عصبة الأمـم " في تنظيـم العــــلاقـات الــدوليــة بعــد الحرب الأولـــى :
تضمنت قائمة الرئيس الأمريكي ولسون إلى مؤتمر الصلح مبدءا ينص على ضرورة إنشاء منتظم دولي يسهر على حفظ السلام العالمي ،
فقرر المؤتمر تضمين معاهدات السلام وثيقة تأسيس عصبة الأمـم . اتخذت العصبة من مدينة جنيف السويسرية مقرا لها ، وتوفرت على
أجهزت مختلفة ، أهمها الجمعية العامة والمجلس التنفيذي والسكرتارية الدائمة . غير أنها ظلت أداة طيعة لخدمة مصالح الدول الكبــــرى
لم تتمكن من حل المشاكل العميقة المترتبة عن الحرب العالمية الأولى ، بسبب افتقارها إلى القوة العسكرية التي تمكنها من فرض احترام
قراراتها ، وبسبب عدم مشاركة بعض الدول الكبرى فيها ، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الثورية .
3 = كرست الخسائر المادية والمالية للحرب تفوق دول غير أوربية .
1-3 : انهارت بنية اقتصاد الدول الأوربية وتفاقمت ديونها :
-- ألحقت الحرب أضرارا بليغة باقتصاد الدول الأوربية التي كانت أراضيها مسرحا للعمليات العسكرية : ( تخريب مصادر الطاقة والمواد الأولية+ تدمير الأراضي الفلاحية والمنشآت الصناعية + تعطيل وسائل المواصلات والإنتاج ... )
-- تفاقمت أزمة الاقتصاد الأوربي بفعل ارتفاع نفقات الحرب ولجوء الدول المتحاربة نحو الاقتراض الخارجي ، فتحولت من دول دائنـــة قبل الحرب إلى دول مدينة بعدهــــا .-- ساعد اعتماد المتحاربين على الولايات المتحدة الأمريكية لتأمين حاجياتهم من المواد الغذائية والأسلحة في صعود وتطور الاقتصـــــاد الأمريكي .
2-3 : أعطت الحرب دفعة قوية لتطور اقتصاديات بعض الدول غير الأوربيــــة :
-- ساعدت الحرب العالمية الأولى على صعود قوى جديدة خارج أوربا ، مثل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان ...
-- لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دور المزود الرئيسي لأوربا بالعتاد والمؤن والقروض ، فارتفع إنتاجها الفلاحي والصناعي وتضاعف
فائضها التجاري مما مكنها من الاستحواذ على نصف الاحتياطي العالمي من الذهب ، فترتب عن ذلك انتقال الثقل المالي إلى بورصـــة نيويورك مما ساعد على نمو اقتصادها الذي انطلق منذ أواخر القرن التاسع عشــــــر .
-- استفادت اليابان بدورها من الحرب الكونية الأولى لتنمية قطاعها الصناعي ، فأصبحت أكبر مزود لآسيـــا بالبضـائع المصنعة وتراجــع دور أوربـــــا فــــــــــي المنطقـــــــــــــة .
خــاتمــــة :
أثرت العواقب السياسية والمادية للحرب الأولى على المسار التاريخي للعالم الرأسمالي الذي سيدخل مرحلة جديدة من تاريخه تميزت بالأزمات الاقتصادية والتطرف السياسي .